طبربة التاريخية
طبربة البونية الرومانية الاسلامية الأندلسية الموريسكية
العثمانية المقاومة للاستعمار الفرنسي
تعاقبت على مدينة طبربة حضارات عديدة ...حضارات العصور أو الفترات القديمة و المتوسطة و الحديثة و المعاصرة (التاريخ ينقسم الى فترات و تختلف تواريخ بداية و نهاية كل فترة من مكان الى أخر ) و لقد شهدت طبربة أهم أقدم حضارتين بالنسبة الى التاريخ القديم و هما الحضارة البونية و الرومانية...و من المؤكد أن مدينتنا تحتوي على عديد الأثار البونية خاصة في المقابر و التي تمكننا من معرفة نمط عيش السكان و أهم الأدوات التي كانوا يستعملونها في شؤونهم اليومية و كذلك عاداتهم و طرق دفن موتاهم...و و لكن للأسف لم تشهد المدينة أي حفريات للبحث عن أسرار وخفايا التاريخ البوني ...و هنا لابد من الاشارة الى أننا نجهل اسم المدينة خلال الفترة البونية فالمدينة تعرف بـتوبوربو مينوس Thuburbo Minus و هو اسم يعود الى الفترة الرومانية...
أما خلال الفترة الرومانية فقد كانت المدينة عبارة عن مستعمرة خاضعة للرومان ازدهرت كثيرا خاصة فلاحيا لما توفرها من حبوب و مؤونة لجيوش الرومانية و تؤكد لنا الأثار الرومانية الموجودة على ما شهدته طبربة و المناطق المجاورة لها كالبطان و الأنصارين و برج التومي و الشويقي من ازدهار و طيبة العيش فيها...
اذا سادتي لطبربة تاريخ عريق...تاريخ ممزوج بحضارات قديمة...حضارات قدمت للبشرية الكثير و الكثير...فطبربة البونية و طبربة الرومانية...و الان طبربة المسلمة طبربة في العصر الوسيط...طبربة التي لم تنقطع الحياه فيها أبدا و السبب معروف و هو وادي مجردة.
أثر الفتوحات الاسلامية في شمال افريقيا و بعد أن أسس عقبة بن نافع مدينة القيروان بدأ نشر الاسلام في جميع ربوع المنطقة و منها مدينة طبربة و لقد رفض عديد الأهالي الانسلاخ عن ديانتهم المسيحية فيما أسلم الكثير منهم و ازداد عددهم بعد سياسة اللين التي اتبعها العرب المسلمون.
و لقد ازدهر الاسلام في طبربة منذ القرن الأول هجري و بنيت المساجد الجامع الكبير و الذي يعد ثالث مسجد بنيا في تونس بعد جامع الزيتونة و كالعادة تأقلمت المدينة مع الوضع الجديد فتغير معمارها و أساليب عيش سكانها و واصلت تقديم المنتوجات الفلاحية للمدن الكبرى ليس لروما وهذة المرة و لكن للقيروان و تونس و بقية المدن الكبرى في تلك الفترة.
في 1574 قاد القائد العثماني سنان باشا حملة عسكرية على تونس و بحكم قربها من الحاضرة أي مدينة تونس شهدت طبربة ازدهارا فلاحيا و تجاريا و ختى فكريا اذ انتشرت الكتاتيب و الشيوخ و ازدادت أعداد طلاب العلم...و لقد تغير نمط عيش المدينة خاصة منذ قدوم الموريسكسون لها...
فمنذ 1614 ستشهد المدينة أحداث أخرى ففي الأندلس وقع تهجير و طرد المسلمين من هنالك...حوالي 80.000 موريسكي...أقام المورسكيون في المدن الواقعة على ضفاف نهر مجردة و منها مدينة طبربة...و لقد اندمج المورسكيون مع السكان الأصليين و شكلوا عنصرا أساسيا في تألق المدينة خلال العصر العثماني ولقد امتهنوا الزراعة والتجارة، ومارسوا الحرف الحضرية وتركوا بصماتهم واضحة في فنون البناء وكذلك جميع الفنون المتعلقة بصناعة الخزف... ومن تراث الموريسكيين أيضاً برزت صناعة النسيج خاصة الفاخر منه، بل واهتموا بصناعة الحرير، والتطريز، والدباج، وصناعة القياطين، واحتكروا تصنيع القلنسوات وتسويقها، وهي غطاء الرأس الأحمر المصنوع من اللباد الذي يتميز به التونسيون...و لقد انتشرت معاصر الزيتون الى الان مازالت العديد الألقاب الأندلسية في طبربة كالأندلسي و تينسة...
و بالنسبة لفترة الاستعمار الفرنسي فأن المدينة لم تشهد تطورا كتلك الفترة من قبل اذا أدخل المستعمر تقنيات عمل جديدة و انتشرت الضيعات الكبرى و ظهرت زراعات جديدة أهمها الخمور و الكروم .
و كانت المدينة مسرحا لعديد المعارك بين قوات المحور و الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية و أيضا لمعارك عديدة بين الثوار التونسيون و جنود الاحتلال
لقد تعاقبت عديد الحضارات على مدينة طبربة و هو ما جعل منها مزيجا بين تاريخا بونيا و رومانيا و اسلاميا وعثمانيا اندلسيا...طبربة التاريخية طبربة أيضا التي تسحرك طبيعتها الخلابة ...بنسماتها ...بوادي مجرد...بجبالها...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire